الوباء القاتل بصمت.. هكذا يواجه مرضى السرطان في لبنان كورونا

[ad_1]

تخيل أنك مصاب بمرض يهدد حياتك مثل السرطان، لتجد نفسك مريضاً بكورونا ايضاً، حيث الألم يصبح مضاعفاً، ينتهك جسدا بلا مناعة، فيواجه مرغماً في ظل انعدام الأساسيات في الحصول على الادوية والاستشفاء.

 

ولأنّ كورونا لم ينتهِ بعد، فثمة كثيرون يحاربون بصمت ومنهم الفئات الأكثر ضعفا. للأسف، هذا تماما ما حصل مع جويس الخوري، سيدة اربعينية تعاني من سرطان الثدي وتخضع لعلاج يستمر لعشر سنوات. خضعت جويس لعملية استئصال كاملة للثدي، ولانّ رحمها كان معرضاً ايضاً للإصابة بالسرطان في مرحلة العلاج بنسبة كبيرة، فاتخذت بموافقة الأطباء قراراً باستئصال الرحم والمبيض ايضاً. أمّا التحدي الذي تعيشه اليوم فكيف تؤمن الدواء لعشر سنوات وهي التي بالكاد تستطيع تأمين “ظرف دواء” في الشهر، كما تروي في حديث لـ”لبنان 24“. 

وما زاد من الطين بلة أنّ جويس أصيبت بكورونا على الرغم من تلقيها الجرعتين من اللقاح، وبحسب الأطباء فإنّ جسمها ولضعف مناعته معرض للإصابة بمتحورات كورونا كافة. تروي جويس تجربتها مختصرة ما عانته بعناوين عدة، “كنا نسمع انّ مرضى السرطان فور اصابتهم بكورونا معرضون للموت، لذا كنت احارب السرطان وكورونا من اجل ابنتي الوحيدة، وطبعا لا أزال اقاوم للاستحصال على العلاج كاملاً في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع الاستشفائي في لبنان“. 

 

الفئات الأكثر ضعفا وخطر الموت

بحسب تقرير عرضته وزارة الصحة على موقعها الالكتروني، لدراسة نشرت في مجلة “لانسيت” الطبية البريطانية الشهيرة، فإنّ الأشخاص المصابين بالسرطان هم أكثر عرضة للوفاة بكورونا بمرتين مقارنة بغير المصابين به.

يفيد الاخصائي في امراض الدم والاورام ومدير مستشفى تعنايل العام، الدكتور سليمان معدراني، في حديث لـ”لبنان 24” بأنّ مرضى السرطان هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بكورونا، لاستعدادهم السريع لالتقاط العدوى نظراً لضعف مناعتهم الجسدية، إضافة الى تلقي البعض منهم العلاج الكيميائي، وهي المرحلة الأكثر خطورة على المريض لتلقي العدوى. ويشرح معدراني التحديات المزدوجة المرتبطة بالسرطان ووباء كورونا، فإذا تمت المقارنة بين مريض كورونا لا يعاني من السرطان وبين اخر مصاب بالسرطان، فحتماً انّ نسبة الوفاة هنا تكون مضاعفة، وخصوصاً لمرضى سرطان الجهاز الهضمي، والرئتين، بينما لا يشكل خطورة كبيرة بالنسبة الى مرضى سرطان الجلد وسرطان الثدي على سبيل المثال. ويتابع معدراني: “أما في حال أصيب المريض بكورونا، خلال تلقيه العلاج الكيمائي فهنا تكمن الخطورة باحتمالية التقاط جرثومة ما قد يضعف المناعة أكثر وأكثر ما يرفع خطورة العوارض ونسبة الوفاة“. 

وفي هذه الحالة، أي الإصابة بكورونا يُقدم للمريض العلاج الإضافي من ناحية الادوية والعلاجات الخاصة لتقوية المناعة. وهنا يتحدث معدراني عن أهمية اللقاحات، خلافاً لكل ما تم الترويج له من خطورة على مريض السرطان بحال تلقى اللقاحات، ويؤكد” “نستند الى أدلة علمية ودراسات مهمة تفيد بانّ اللقاحات فعالة وضرورية جدا لمرضى السرطان لتعزيز مناعتهم، ومن خلال متابعتنا للمرضى داخل المستشفى نؤكد انّ هؤلاء الذين تلقوا اللقاحات كانوا اقل عرضة لمضاعفات كورونا الخطيرة“.

 

الوباء المعلوماتي 

وكان للأخبار الكاذبة في هذه الازمة تحديداً أي الكورونا والامراض الخطيرة، جوانب مأسوية، تتعلق باتباع نصائح خاطئة او معلومات لا تستند الى العلم، وساهمت الى حد كبير بما بات يتعارف عليه بـ”التوهم المرضي“. 

وفي هذا الاطار، تقول الدكتورة تمار كابكيان وهي أستاذة مشاركة في الكلية بالـAUB، وقامت باجراء أبحاث ودراسات عدة تناولت قضايا الاخبار المغلوطة وتأثيرها خصوصا في فترة الجائحة، أنّه من الطبيعي ان تنتشر الاخبار بهذه الشاكلة خلال الازمات، وخصوصاً انّ الطبيعة البشرية تنحو الى التفكير بالشكل العاطفي أكثر من تحليل المعلومات بشكل علمي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان للشخص مجرد شك بسيط بان هناك خطورة جراء تلقي اللقاح، فأنّ أي معلومة سلبية او خاطئة ستجعله يتبناها فوراً، فترى الشخص متمسكاً بالمعلومة لأنها تشبه أفكاره، ومن هنا ترى الاخبار المزيفة تنتشر بسهولة حتى وصلنا الى ما بات متعارفاً عليه بالـINFODEMIC”.

 

فكيف يتم تجنب الوقوع في الاخبار المغلوطة؟ تقول كابكيان في حديث خاص لـ”لبنان 24“: “يجب التحقق من مصدر المعلومة، فغالبا ما يقوم البعض بوضع أسماء مزيفة او الاستعانة بأسماء معروفة لأطباء واخصائيين او اسم جامعة عالمية ضمن دراسة او مقال ما، لذا من المهم هنا البحث عن الاسم والتأكد ما اذا كان صحيحا ام مزيفاً. وبعد التأكد من المصدر، ثانيا يتوجب البحث في تاريخ المعلومة، وخصوصا ما يتعلق بكورونا، حيث المعلومات كانت تبدل تباعاً بسبب تطور الجائحة والمتحورات“.

وتنصح كابكيان: “نقطة مهمة جدا يجب التنبه اليها، وهي التأكد ما إذا كان مصدر المعلومة اشخاص او منظمات لديهم نوايا مخفية، فمثلا قد تكون منظمة ما ضد اللقاحات او شركة أخرى تهدف الى ضرب لقاح معين ولديها مصالح مضادة، هنا يجب التنبه جدا الى مصدر المعلومة“.

وتؤكد كابكيان ان فكرة عدم المشاركة في نشر الاخبار عبر “غروبات” الواتساب لأي سبب من الأسباب، “ففي الازمات تغلبنا العاطفة أكثر من التفكير المنطقي، وهنا الخطورة تكمن على المرضى وكبار السن والفئات الأكثر ضعفاً، فهؤلاء ستضر بهم المعلومة الخاطئة أكثر من غيرهم وقد يأخذون قرارات سلبية تؤثر في حياتهم على المدى الطويل، كمريض سرطان يسمع انّ اللقاح قد يقتل، فيأخذا قرار بعدم تلقي اللقاح، ما يشكل خطورة كبيرة على حياته“.

 

معاناة مضاعفة 

وطبعا في لبنان الازمة مضاعفة، لناحية الوضع الاقتصادي المتأزم الذي يعصف بالقطاع الاستشفائي، ما يزيد من معاناة مرضى السرطان. وبحسب الأرقام فقد سجل لبنان 28 ألفا و764 إصابة بمرض السرطان خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينهم 11 ألفا و600 حالة عام 2020، بحسب اخر إحصاء لتقرير نشره “المرصد العالمي للسرطان” المنبثق عن منظمة الصحة العالمية

ولا أسوأ من اختصار الوضع الراهن بالقول أنّ “مرضى السرطان يموتون في منازلهم”، حيث يشهد لبنان شحاً كبيراً بأدوية السرطان والأمراض المستعصية وهو ما يفاقم معاناة المرضى، الذين يعيشون المستقبل المجهول. وبحسب هاني نصار، رئيس جمعية “بربارة نصار” لدعم مرضى السرطان، فإنّه يؤكد انّ المرضى لا يزالوا يتخبطون في نفس الحالة المزرية بغياب الادوية او رفع الدعم عنها وانقطاع العدد الأكبر منها. ويتابع نصار في حديث مع “لبنان 24”: “هناك مرضى محرومون من الادوية، وفي حال وجدت فإنها غير مدعومة وبأسعار خيالية، وما يزيد الطين بلة انّ المريض يضطر لتلقي العلاج انّ يدفع بـ”الفريش دولار” في عدد من المستشفيات”. وإذ يؤكد نصار انّ كمية من الادوية وصلت مؤخراً لمن هم مسجلون على الضمان، ولكن للأسف الكمية المتبقية من الادوية للمرضى المدعومين من وزارة الصحة فلم تصل بعد الى لبنان من الجهات المانحة او بحسب اتفاقيات لشراء الادوية“.

وعن الأسباب فتعود أولا الى انّ الأموال التي تحول لشراء الادوية السرطانية غير كافية، إضافة الى تأخير في المعاملات الإدارية، والأخطر هو رفع الدعم عن بعض الادوية من دون توفير “المدعوم”، ويؤكد نصار: “ثمة مرضى اعرفهم شخصيا اضطروا الى بيع أغراض منازلهم لاستكمال علاجهم، وخصوصاً لحاجتهم الى دواء المورفين والا سيموت البعض منهم من الوجع“.

وإذ يتحدث نصار عن عدم الشفافية في توزيع الادوية والاستنسابية، وما يرتبط بتهريب الدواء والهدر في القطاع الدوائي، يؤكد انّ وزارة الصحة عبر الوزير الدكتور فراس الأبيض تعمل على ضبط الوضع، وعملت مؤخرا على استحداث 5 منصات الكترونية لضمان توزيع الدواء على جميع المرضى. ويتابع نصار: “نريد التوصل الى قانون في البرلمان لضمان استمرارية الشفافية في موضوع الادوية، ونحن لن نفقد الأمل ولن نستسلم طالما انّ هناك مريض سرطان واحد يعاني“.

 

وزارة الصحة تتحرك

من جهتها، بدأت وزارة الصحة العامة بتجربة فريدة تضمن ضمان توزيع الدواء بشكل عادل وتمنع حصول أي هدر أو فساد من خلال “مكننة الدواء” عبر 5 منصات الكترونية تم استحداثها، للتأكد من أنّ “كل علبة دواء تذهب الى المريض”، حسبما جاء في بيان للوزارة. كما أكد وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال فراس الأبيض أنّ لجنة تحقيق في الوزارة تقوم بمهامها على أكمل وجه لكشف أي خروق وفساد في عملية توزيع الدواء والحصول عليه من الجهات المانحة.

 

ويبقى مريض السرطان يتخبط بين اهمال وفساد وعلاج متأخر، لا حول له ولا قوة.

 


[ad_2]

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *