Advertisement
وما إدخال “حزب الله” هذين السلاحين الجديدين في معركة المساندة سوى للايحاء للعدو بأن لديه الكثير من المفاجآت، التي من شأنها أن تبقيه في حيرة من أمره، خصوصًا لجهة عدم تيقنّه من جدّية احتمال دخول “الحزب” في حرب شاملة أو عدم جدّيته. وفي هذه السياسة، التي يتبعها “الحزب” بعض من عناصر القوة، كما يقول المقرّبون منه.
فهل هذه السياسة الجديدة التي يعتمدها “حزب الله” هي نوع من التحرّر التدريجي من “قواعد الاشتباك” وانخراط فعلي في أي تطّور عسكري لن يكون، كما تؤكده المعطيات الميدانية، إلاّ متناغمًا مع تطوّر المعركة الغزاوية؟
عن هذا السؤال لا أحد يستطيع الإجابة في شكل دقيق ومحدّد، لأن “حزب الله” لا يفصح عادة عن مخططاته مسبقًا، ولا يكشف عمّا يسعى إليه، وذلك حفاظًا أولًا على قوة عامل المفاجآت، وثانيًا لإبقاء العدو في حال مستدامة من الترّقب وانتظار ما هو آتٍ، الذي قد يكون مفاجئًا للجميع، من حيث توقيته أو فاعليته، خصوصًا إذا شعر بأن حركة “حماس” قد أصبحت في وضع صعب وحرج. وعند هذا الحدّ سيكون الوضع مغايرًا عمّا كان عليه طيلة الأيام السبعة والأربعين الماضية، وسيجد “الحزب” نفسه مضطّرًا إلى التعامل مع هذا الواقع الجديد بكثير من الحزم، ولكن مع حرصه الشديد على عدم اقحام لبنان في مواجهة قد تكون نتائجها كارثية كما هي الحال في قطاع غزة، الذي أصبح أرضًا محروقة وغير مؤهل للسكن.
ما هو مؤكد حتى الآن، وفق ما يُنقل عن مسؤولي “حزب الله” أن المواجهة في الجبهة الشمالية لإسرائيل، وإن كانت آخذة إلى التصعيد، ستبقى تحت سقف التقيد بقواعد الاشتباك التي تتعرض لخروق من حين لآخر، لكنها تبقى تحت السيطرة إلى حدود معينة بحسب التطور الميداني في غزة، ومدى قدرة إسرائيل على تغيير ما هو مرسوم في دوائر القرار الدولي بالنسبة إلى إعادة رسم جديد لخارطة المنطقة، ومن ضمنها لبنان كونه الحلقة الأضعف.
فالمواجهة في الجنوب اللبناني، وإن كانت تأتي في سياق ما يعتبره “حزب الله” إشغالًا لإسرائيل إلى حدود كبيرة، للتخفيف من ضغطها على حركة “حماس” في قطاع غزة، لا تزال محكومة بما يهدف إليه “الحزب” لجهة استنزاف الجيش الإسرائيلي تحت سقف الاحتكام إلى معادلة توازن الرعب، من دون أن يلوح في الأفق السياسي ما يفتح الباب أمام اتساع رقعة الحرب الدائرة في غزة لتشمل الجبهة الشمالية، خصوصاً أن إيران ليست في وارد الانجرار إلى توسعة الحرب، وإلا لكانت قد بادرت إلى التدخل في الوقت المناسب، بدلاً من أن تنتظر طويلاً، ما سمح لإسرائيل بالمضي في استباحة غزة وأهلها بكل الوسائل غير الإنسانية والمحرّمة دوليًا.
إلاّ أن إدخال “حزب الله” عناصر جديدة وموجعة في مواجهته للاعتداءات الإسرائيلية الاستفزازية، ومن ضمن هذه العناصر استهداف مواقع إسرائيلية عسكرية استخدام صواريخ “بركان”، التي أوقعت خسائر كبيرة في ثكنة “برانيت”، قد يعيد عقارب الساعة إلى مواقيت غير مقيدّة بما يسمى “قواعد الاشتباك”، الأمر الذي من شأنه أن يطرح على بساط البحث مسألة توسعة الحرب انطلاقًا من الانتقال من مرحلة “وحدة الساحات” إلى مبدأ جديد يعتمد على خيار “تكامل الساحات”، وذلك بالتنسيق القائم بين قيادتي “حماس” و”حزب الله” وبإشراف طهران، التي لا تزال تمسك العصا من وسطها، على رغم ما شهدته منطقة البحر الأحمر من تطورات نوعية في الساعات الماضية، وما تواجهه القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة من هجومات منظّمة تحمل بصمات إيرانية واضحة.
[ad_2]