
نعرف أن استخدام الفحم الحجري يعود إلى رجل الكهف في عصور ما قبل التاريخ. وراح يزدهر وينشط شيئاً فشيئاً إلى أن حصلت الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر. ويشير الباحث الأكاديمي في علوم البيئة في الأردن، الدكتور أحمد محمود جبر الشريدة، في حديث لـ»نداء الوطن» إلى أن الهدف من استخدامه كان يقتصر حينها على حرْق الإطارات والمراجل وتشغيل المصانع التي أنشئت مع بدء الثورة تلك. أما أصول الفحم الحجري فنباتية غير أنها تحوّلت، مع مرور الزمن، إلى كتلة قابلة للاحتراق والاشتعال متى توافرت الظروف المناسبة، مولّدة بذلك طاقة حرارية تسهم في تحريك الآلات من خلال بخار الماء والضغط الذي ينتج عنه.
ويضيف الشريدة أن الفحم الحجري ما زال يُستخدم في الكثير من الدول الفقيرة وغير الفقيرة – منها في أميركا وأوروبا – بسبب توافره في الطبيعة وسهولة استخراجه الذي لا يتطلب الكثير من الوقت والجهد والمال ولا حتى معدّات فنية. «بِنظر الاقتصاديين، هو بديل رخيص ومتوافر. لكن، ومع وجود الوقود الأحفوري، تراجَع استخدامه في الكثير من الدول، ذلك أن الأخير يمنح طاقة أفضل ويسمح بالتحكم في عملية إنتاج الطاقة الحرارية، رغم أن استخراجه يتطلب الكثير من الجهود الفنية والميكانيكية والهندسية والجيولوجية». وفي حين أكّد الشريدة الأضرار الناجمة عن استخدام الفحم الحجري، نتيجة دخول أجسام مايكرونية إلى الخلايا الهوائية الصغيرة لدى الإنسان مسببة صعوبة في التنفس وتحسساً في الجهازين التنفسي والبصري، نستطلع المزيد من الآراء العلمية والبيئية، انطلاقاً من صرخة أهالي الكورة.
من جهتها، لم تسلم المياه الجوفية التي يشرب منها أهالي الكورة وشكا من التلوّث الناتج عن نقل الفحم الحجري وغسله وإحراقه على شاطئ البحر المتوسط، والذي، بحسب اللجنة، تحوّل إلى بحر «ميّت» حيث قُضي على معظم الحياة البحرية فيه. بدءاً من صدفة الموركس، انتقالاً إلى الاسفنج فعشرات فصائل الأسماك والأصداف، وصولاً إلى معظم أصناف الأعشاب البحرية. من هنا، أسفت اللجنة لتمادي الحكومة في إعطاء وتمديد مهل عمل شركات الترابة التي تستخدم الفحم الحجري والبترولي خلافاً للقانون، رغم أن مخاطره الصحية والبيئية باتت معروفة لدى كافة المرجعيات العلمية والطبية والثقافية. «آن الأوان كي تتوقف مجزرة الإبادة الجماعية لأهل الكورة، خاصة وأن الآثار الخطيرة تمتدّ لتشمل كافة المناطق الشمالية. فإن لم تضع الدولة حدّاً لما يحصل سيتحرّك أهل الكورة وسيوقفون هذه المصانع الخارجة عن القانون كما سبق وأوقفوا مقالع التراب الأحمر بالقوة».
[ad_2]