عناصر حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم تكتمل بعد

[ad_1]

كتب ميشال ابو نجم في “الشرق الاوسط”: في جلسة مطولة استضاف خلالها «الشرق الأوسط» بباريس، كانت جولة واسعة مع الوزير السابق غسان سلامة على شؤون العالم العربي وعلى حالة العالم اليوم وما ستكون عليه غداً.

يقول: إن التمسك اللاهوتي باتفاق الطائف في غير مكانه. في الطائف، كنا نأمل، بعد وقف الحرب، أن يدخل لبنان في مرحلة سلم واستقرار وبحبوحة تسمح لأبنائه بأن يفكروا بما هو النظام الأمثل الذي يصبون إليه. هذا التصحيح ضروري، لأن هناك من حول اتفاق الطائف إلى كتاب مقدس. هو ليس كتاباً مقدساً، هو مفيد وكان مفيداً في حينه، وأنا فخور بأنني شاركت فيه.
ثانياً، إن بلداً يحتاج لسنة أو سنتين أو 3 ليختار رئيساً للجمهورية في كل مرة يشغر ذلك المنصب، ويحتاج لأشهر وأشهر لتأليف حكومته، ويحتاج لأشهر وأشهر للتفاهم على التمديد لقائد جيش، كما يحتاج لأشهر لتعيين موظف على رأس مصرفه المركزي، هذا البلد يعاني من نظام لا يناسبه. النظام الحالي في لبنان لا يناسب مصلحة اللبنانيين. هذا جوابي الجذري على سؤالك الجذري.
أما البديل، فالمشكلة ليست فيه، بل في إيجاد الوقت والظروف المناسبين لفتح هذا الملف. ثمة حاجة لتوافر ظروف من الاستقرار الداخلي ومن الاحتضان الخارجي ومن تغير الأفئدة والأفكار التي تسمح بالتوافق على نظام جديد. الآن، تسود في لبنان ظروف لم تعد مناسبة لفتح هذا الملف. لذلك أنا لا أعترض على حلول ترقيعية مثل انتخاب رئيس جمهورية بما تيسر، أو تأليف حكومة بما تيسر. لكن يتعين أن تكون مهمتهم الأولى، بعد إعادة تسيير المؤسسات، العمل على فتح الملف الدستوري من أساسه: هل نريد فعلاً نظاماً أكثر لامركزية أو نظاماً أكثر مركزية؟ يتضمن اتفاق الطائف دعوة للامركزية. لكن ثمة من يتخوف من تفتت الدولة ويتمسك بالمركزية.
ثم هناك سؤال آخر مهم خصوصاً في جو طائفي مشحون. صحيح، إن اتفاق الطائف يقول بإلغاء الطائفية السياسية وإن هذا يبدأ من مجلس النواب. ورأيي أن هذا خطأ، إذ أرى أن يبدأ إلغاء الطائفية أولاً من الإدارة العامة ومن الحكومة ثانياً ومن الرئاسات ثالثاً، وأخيراً من مجلس النواب. لماذا؟ لأن مجلس النواب هو السلطة الوحيدة المنتخبة وبالتالي، في مرحلة الانتقال من نظام طائفي إلى نظام لا طائفي، نحن بحاجة لهيئة دستورية يعترف بها الناس ويعدّون أنها من صنعهم لكي تحميهم في هذه المرحلة الانتقالية التي قد تثير القلق لدى كثير منهم.
هناك موضوع ثالث لا يقل أهمية؛ وهو أن الخلاف في لبنان على المواضيع الكبرى وليس على المواضيع الصغرى. لذلك من يدعو اليوم مثلاً لإلغاء إحدى الطبقات في الإدارة العامة (القضاء أو المحافظة لأن البلد صغير) ربما لا يجيب عن السؤال الأساسي الذي يتناول الثقافة السياسية في لبنان التي هي في حالة مزرية، لدرجة أنها غير قادرة على تقبل فكرة الدولة. ربما أن اللبنانيين تعودوا، أكثر من اللازم، على الحياة من دون دولة وعلى مجتمع من دون دولة.

وعن الملف الفلسطيني قال: هل الطرف الفلسطيني جاهز لكي يلعب هذا الدور التاريخي كحاضن لدولة فلسطينية ممكنة؟ جوابي هو لا. «حماس» غير مقبولة، والسلطة غير قادرة، وبالتالي نحن أمام خواء فلسطيني. ثمة حاجة لمخاطبة طرف فلسطيني جديد مقبول، لديه صدقية وليس فقط لديه شرعية السلطة الفلسطينية (وفقاً لاتفاقات أوسلو). لكن الواقعية تقضي بأن نقول إنه ليست لديها صدقية.
وفي الجانب المقابل، ثمة حاجة أيضاً لطرف إسرائيلي. والحال أنه غير موجود، إذ هناك حكومة متطرفة جداً تتبنى رفض فكرة الدولتين بصورة واضحة وصريحة، ليس فقط على لسان المتطرفين فيها مثل سموتريتش، ولكن على لسان رئيسها بنفسه. وهناك أيضاً مجلس حرب يتميز بالتشدد الكبير. وفي زيارته إلى إسرائيل في الأسبوع الأول من الحرب، فوجئ الرئيس بايدن بأن النظرية القديمة التي تقول إن جنرالات إسرائيل هم أقل تطرفاً من السياسيين ليست صحيحة في هذه الحرب، إذ إن الجنرالات الذين دخلوا إلى مجلس الحرب قد يكونون أكثر تطرفاً من نتنياهو نفسه في تحديد أهداف الحرب. لماذا؟ لأن هؤلاء مهووسون باستعادة قدرة الردع التي فقدها الجيش الإسرائيلي، وهو أمر قد لا يهم نتنياهو كثيراً.
ثالثاً، الحل بحاجة لوسيط لأمور الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. الوسيط الوحيد اليوم الذي لديه وسائل ضغط على الطرف الإسرائيلي هو الولايات المتحدة. نشرت حاملات طائرات لردع خصوم إسرائيل كما قررت أن تمدها، إلى جانب المليارات الأربع السنوية بـ14 مليار إضافية. وهي، ثالثاً، تمنع تكراراً مجلس الأمن من أن يصوت على مشروع قرار يقبله الأعضاء الـ14 بالنسبة وترفضه هي. إذن لدى واشنطن وسائل ضغط حقيقية ليست موجودة عند أي طرف آخر، لا الصين ولا أوروبا.
لكن المشكلة أن الوسيط (أي الأميركي) مفقود. لماذا؟ أولاً لأن بايدن تميز كسيناتور، خلال 40 عاماً من حياته، بالاصطفاف المطلق وراء مصالح إسرائيل، وهو لم يتغير كرئيس رغم البرنامج الذي أوصله إلى الحكم. بايدن شخص مؤيد لإسرائيل أكثر من كل معاونيه دون استثناء. وإني أتحدث في هذا المجال عن معرفة وليس عن تبصر. وبايدن مكبل اليدين لأنه دخل في السنة الأخيرة من ولايته الأولى وولج المعركة الانتخابية، حيث هناك أصوات شبابية تدعوه إلى أن يكون أقل تطرفاً في الصراع. ولكن، بالمقابل، هو بحاجة لتمويل قد يأتي أو سيأتي من مصادر تدعوه للاستمرار في هذا الموقف المتشدد إلى جانب إسرائيل.
البحث عن «أفق سياسي» للفلسطينيين بحاجة لـ3 أطراف، ليس هناك أي منها في حالة مناسبة لكي يلعب الدور المنوط به. لذلك أنا أميل للتشاؤم، كما أتخوف من توسع رقعة الحرب بحيث تستمر في غزة لأسابيع وأسابيع مقبلة، وأن تنتقل أيضاً إلى الضفة الغربية، حيث التوتر بلغ أوجه، لا سيما بعد قتل أكثر من 300 فلسطيني وطرد الفلسطينيين من عدد من القرى. وقد تنطلق الحرب أيضاً بجنوب لبنان، لأن في إسرائيل هناك من يقول اليوم إن الحالة ممتازة للقيام بحرب في لبنان: 80 ألف إسرائيلي أجلوا عن الجليل الأعلى، وعدد كبير من المدنيين غادروا منازلهم في جنوب لبنان، بحيث أصبحت الساحة خالية من المدنيين.
في إسرائيل أصوات ترتفع وتدعو للحرب في لبنان، ومنها وزير الدفاع يوآف غالانت. لكن الأميركيين، حتى الساعة رغم تأييدهم لإسرائيل واستمرارها في الحرب في غزة، ما زالوا يعارضون فتح جبهة الشمال. بايدن أبلغهم بذلك في الأسبوع الأول من الحرب وعندما عادت نغمتها مجدداً للتداول منذ نحو أسبوعين، كررت الإدارة الأميركية رسمياً أنها ما زالت عند موقفها المعارض لفتح جبهة لبنان. لكن الخطر يبقى قائماً أولاً، لأن إسرائيل لا تطيع أميركا في كل الحالات، وثانياً لأن المناوشات الجارية في لبنان يومياً قد تتجاوز رغبة الطرفين بإبقاء النار هادئة أو بإبقاء النار تحت السيطرة وقد يحصل سوء تفاهم أو سوء تفسير، ويتم تجاوز الخطوط الحمر لقواعد الاشتباك التي تم التوصل إليها.


[ad_2]

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *