على رغم مشاركة المعنيين في التعليم الخاص، في جلسات لجنة التربية النيابيّة، التي درست الاقتراحات المتعلّقة بصندوق التعويضات والأساتذة المتقاعدين، قبل إحالتها إلى اللجان المشتركة، ثمّ إلى الهيئة العامة، فجّر التشريع الأخير الخلاف، ووصل إلى حدّ إعلان المدارس الكاثوليكية الإضراب المفتوح إلى حين إعادة النظر بالتشريع الحاصل “المتهوّر والإعتباطي” وفق توصيفها. اعتراضًا على قانونَي المدارس الخاصة المتعلقين بإعطاء مساعدة مالية بقيمة 650 مليار ليرة لحساب صندوق التعويضات، وتغطية صندوق التقاعد والتعويضات بمداخيل وزيادة 8 % للأستاذ المتعاقد والمتقاعد.
الأمين العام للمدارس الكاثوليكية منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر فنّد “الموجبات التي دفعت اللجنة الأسقفيّة للمدارس الكاثوليكيّة إلى اتخاذ قرار الإضراب المفتوح” في رسالة وجّهها إلى رئيسات ورؤساء المدارس الكاثوليكية. وتعليقًا على ما ورد فيها من أسباب، تحدّث نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ “لبنان 24” وردّ على كلّ بند من البنود الواردة فيها.
دولار الصندوق كدولار الأقساط
لفت الأب نصر في رسالته إلى “أنّ صندوق التعويضات كمؤسّسة خاصة ذات منفعة عامة لا يحقّ له قانونًا أن يتقاضى عملات أجنبية، ولا يحقّ له أن يدفع عملة أجنبية كتعويض نهاية خدمة أو كراتب تقاعديّ”. حول هذه النقطة يجيب محفوض مستخدمًا الحجة نفسها “أي قانون سمح للمدارس الخاصة أن تستوفي أقساطها بالدولار من الأهالي؟” مضيفًا أنّ الأسباب والموجبات التي فرضت عليهم دولرة الأقساط لإبقاء مدارسهم قائمة، هي نفسها التي تفرض على صندوق التعويضات أن يستوفي دولارًا ليضمن استمراريته.
مدير الصندوق مشارك في اللجنة
سأل نصر “كيف يقرّ قانون يخصّ صندوق التعويضات وإدارة الصندوق ليست على علم به كما صرّح مديره؟” تعليقًا أكّد محفوض أنّ مدير عام الصندوق عماد الأشقر شارك في لجنة التربية النيابية في جلستين “كنت حاضرًا بدوري، كما شارك في جلسة اللجان النيابية المشتركة وكنتُ أيضًا مشاركًا. أكثر من ذلك، حاولوا القول إنّ وزارة التربية ضدّ شرط الحصول على براءة الذمة المالية، تصدّيت لذلك، وحصل تواصل مع وزير التربية الذي أكّد أنّه مع براءة الذمة. ثم كيف لمدير الصندوق أن يكون ضد تغذية الصندوق بالأموال؟”.
أين الدراسة؟
تسأل الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية “بناءً على أيّ دراسة تمّ رفع النسب من 6 الى 8 % على المدرسة وعلى المعلمين الداخلين في الملاك، وأضيفت نسبة 8% على المعلم المتعاقد؟” يجيب محفوض أنّه سبق له أن أنجز دراسة إكتواريّة لصندوق التعويضات بالأرقام، وسّلمها إلى النواب “هل طلب مني الأب نصر هذه الدراسة وامتنعت عن تسليمها له؟ تؤّكد الدراسة أنّ نسبة الـ 6% على المتعاقد في الساعة إضافةً إلى نسبة الـ 2% من التعويضات للتقاعد، تُؤمن بحدود 36 مليار ليرة، علمًا أنّنا بحاجة شهريًا إلى ما يقارب 65 مليار، لتغطية الفارق اضطررنا لرفع النسبة من 6 إلى 8%”.
مساهمة المتعاقدين لتغذية الصندوق
موجب إضافي لرفض القانون وفق بيان الأمانة العامة “لا يستفيد المعلّم المتعاقد من صندوق التعويضات في تعويض نهاية الخدمة، فلماذا إلزامه بدفع نسبة 8%؟” هنا يلفت محفوض أنّه يدّرس في ثلاث مدارس خاصة، ويدفع للضمان في كلّ مدرسة، ولكنّه يستفيد في مكان واحد “والغاية من ذلك تغذية الضمان”. بالتوازي ذكّر محفوض أنّ القانون منذ العام 1996 ولغاية 2002 كان يفرض على المتعاقدين المساهمة بنسبة 6% لصندوق التعويضات، وقد أعُيد العمل بهذه المادة، بحيث يدفع المتعاقد 8% ويستردها في نهاية الخدمة. وسأل محفوض “هل هم أحرص على الأساتذة المتعاقدين مني؟”.
الإنهيار أبطل رواتب السلسلة
نقطة اعتراضية إضافية من المدارس الخاصة، مفادُها “أنّ صندوق التعويضات يعطي التعويض او التقاعد على أساس الراتب القانوني للمعلم، والذي ما زال يخضع لسلسلة الرتب والرواتب المقرّة في القانون 46 /2017”. يجيب محفوض “هذا الكلام يعني أنّ من يتقاضى راتبًا بمعدل مليوني ليرة، وفق قانون السلسلة المذكور يجب أن يبقى على هذا الراتب. كيف لهم أن يتحدّثوا بهذا الطريقة، الناس تموت من الجوع، بفعل الرواتب المعطاة بناءً على هذا القانون، لماذا أعطت الدولة المتقاعدين رواتبهم مضاعفة ست مرات؟ لأنّه حصل انهيار في البلد. ثم أنّ القانون نفسه الذي ينطلقون منه، مَنَح المعلمين ست درجات، ولم يدفعوا هذه الدرجات إلا مؤخرًا بعد أن فقدت قيمتها، بحيث كانت توازي 500$ عندما أُقرّ القانون، ولم تعد توازي أكثر من 10 دولارات”.
لماذا تتفاوت أقساط المدارس بالدولار؟
يسأل الأب نصر “من أين تأتي المدرسة بالمال اللازم؟ أتقتطعه من المساعدات الإجتماعية للمعلمين أم تزيدهم على أقساط ومساهمات الأهل؟” جوابًا طلب محفوض “فليقدموا تبريرًا لماذا تختلف أقساط المدارس الخاصة بالدولار بين مدرسة وأخرى بنسب كبيرة، وتتفاوت من ألف دولار إلى أربعة الآف دولار، بينما الأساتذة يتقاضون الرواتب نفسها. رغم ذلك لا زال هناك حوالي مئتي مدرسة خاصة لم تدفع هذه الدرجات”. ولفت محفوض إلى أنّ المدارس الخاصة عمدت على مدى خمس سنوات، إلى رفع الأقساط بذريعة السلسلة، وعندما أُقرّت، لم يعطوا الدرجات الست للمعلمين. واليوم يفعلون الأمر عينه، بحيث يرفعون الأقساط بالدولار، ولم يعطوا المعلم سوى الفتات. أضاف محفوض “قانون الموازنة ينص على وجوب أن تذهب نسبة 65% من الأموال للمعلمين و35% للمدرسة. هل طبقوا القانون؟ طبعًا لا، لم يدفعوا سوى 15 أو 20% منها”.
إقفال المدارس: نغمة قديمة
تسأل الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية “كيف نعدّ موازناتنا في ظل الغموض الحاصل؟ هل سيقبل الأهل بتحمّل أعباء إضافية؟ وهذا ما سيتسبب بإعلان بعض المدارس إفلاسها ومن ثمّ تسكير أبوابها”. تعليقًا يقول محفوض “نفس الكلام رددوه عندما أُقرت السلسلة، وقد سمعت حينها من الرئيس نبيه بري أنهم أرسلوا له مفاتيح المدارس، بحجة أقفالها بفعل إقرار السلسلة، ومن حينه إلى اليوم لم تُقفل أيّ مدرسة خاصة بل زادت أعداد المدارس، باستثناء بعض المدارس الخاصة المجانية التي لم تتقاض مستحقاتها من الدولة.
أبعد من ذمة مالية
عن اعتراضهم على المفعول الرجعي أكّد محفوظ أن ليس هناك من مفعول رجعي بالمطلق، يبدأ تطبيق القانون من تاريخ 1 تشرين الأول 2023. أمّا الذمة المالية قال محفوض “كانت أجابة الأب نصر في اتصال هاتفي أنّ عدد موظفي الصندوق يبلغ عشرين موظفًا، وبينما يبلغ عدد المدارس 1300، فقلنا له، رغم ذلك ستحصلون على براءة الذمة في خمس دقائق فقط . كما أنّ المدارس الكاثوليكية قانونية وليست بحاجة إلى براءة الذمة، كونها تدفع متوجباتها للصندوق. فعاد للاعتراض على تسديد نسبة 8% بالدولار، وبحصيلة النقاش قَبِل شرط الحصول على موافقة وزارة المالية لأعفاء المدارس من الضريبة على ما يتقاضونه بالدولار”.
حل ممكن؟
عن امكان التوصل إلى حل وسط كي لا يدفع الطلاب الثمن، أشار محفوض أنّه يجدد دعوته المدارس الخاصة إلى التحاور، وحل المشكلة، خلال عطلة الأعياد “كنت قد طلبت موعدًا رسميًا من شهر وقبل معرفتنا بالجلسة، ومؤخرًا ردّ الأب نصر بأنّ الموعد في الثالث من كانون الثاني، أي في العام المقبل. إذا اكملوا بهذا التصعيد، سيضعون العام الدراسي على المحك، وبموقفهم هذا يقضون على ما تبقى من تربية في لبنان، فالأستاذ الذي يرى زميلًا له في آخر عمره يتقاضى عشرة دولارات كيف له أن يبقى في المهنة؟”.
كان يفترض أن تنشر القوانين في الجريدة الرسمية في عددها الصادر يوم الخميس، ولكن ذلك لم يحصل، وأمل محفوض “أن لا يكون ذلك إشارة إلى الخضوع لضغط المدارس الخاصة”.
[ad_2]